رجل يركب دراجة هوائية في الريف يثير حنق الدولة العميقة، لماذا يا ترى؟

بطل هذه القصة القصيرة لم ينوي يوما الاضرار باحد ومع ذلك فعين الدولة العميقة الحمراء تتمايز من الغيظ تجاهه، فلماذا يا ترى. 

انه وببساطة يهدم اسس النظام الاقتصادي والسياسي العالمي وهو لا يشعر. 

النظام الاقتصادي والسياسي العالمي يهدف الى التحكم والسيطرة القصوى على حياة الافراد والمجتمعات البشرية والاستفادة المادية من وجودهم. 

فالانسان بوعي منه او بدون وعي منه يجب ان يجد مكانه كدولاب في الماكينة الاقتصادية العالمية ويصبح اداة تنفيذية تخضع لارادة الدولة العميقة ومخططاتها من ناحية ويصبح اداة منتجة لصالحها من ناحية ثانية. 

اذن بطل قصتنا هذه يثير حنق الدولة العميقة للاسباب التالية. 

انه ليس في موقع العمل والانتاج والعبودية ولديه وقت لركوب دراجة هوائية في الريف فهو شمام هواء قطاف ورد. 

وهذا بحد ذاته جريمة بدل ان يكون مسحوقا باثقال العمل والانتاج ليس لديه وقت وحرية للتنزه. 

ثانيا انه يركب دراجة هوائية وهي في حد ذاتها اهانة للنظام الاقتصادي العالمي لانها لا تخضع لنظام التسجيل واللوحات الالزامية للدراجات النارية والسيارات ولا تخضع لنظام التامين الاجباري للمركبات الذي يدر المليارات لصالح الدولة ولا تشتري هذه الدراجة وقود ومحروقات تشكل الضرائب ثمانين بالمائة الثمن المدفوع. 

وتحتاج الدراجة الهوائية الى القليل من الخدمات والصيانة اذا الدراجة الهوائية قد تحررت من تبعية العبودية للنظام. 

ويا ليت تم الاكتفاء بذلك فالرجل بطل القصة يزيد الطين بلة لانه بركوب الدراجة الهوائية فهو يمارس نشاطا رياضيا فعالا مفيدا لعمل قلبه والتحكم بوزنه. 

وهو بذلك ينقص من حاجته للطب والادوية ويقضي وقته بنشاط مفيد بدلا من التسكع في البارات وشرب المشروبات الكحولية وهي رافد هام لميزانية الدولة والغالب انه ايضا لا يدخن السجائر ويستفيد مجانا من هواء الريف النقي. 

ماذا يمكن اذا لبطل قصتنا هذه ان يرتكب اعمالا تثير اكثر حنق الدولة العميقة وهو حتى لايدري شيئا عن الموضوع.  

الدولة العميقة هي اداة السيطرة على مقدرات المجتمعات البشرية وعملها يتم بالخفاء وبدون ان تعلن عن وجودها او اهدافها او مخططات عملها. 

هذا الوصف لوجود الدولة العميقة لا يشكل مشكلة كبري لانه جزء من قواعد دفع الناس لبعضها ورغبة السيطرة والتحكم في حياة الاخرين والاستفادة الاقتصادية من نشاطاتهم. 

ولكن الوضع يتجه للخطورة حين تبدا الدولة العميقة في مخطط السيطرةعلى العقائد والافكار وعلى سياسات المجتمعات البشرية بشكل يضم دوام واستمرارية هذه الاوضاع في الزمن القادم. 

خلدون حمادة

باريس

٢٥ شباط/فبراير ٢٠٢٣


الدراجة – La bicyclette

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *